رجل وامره وطفل

رباب محمد : قد تبدو رواية "رجل وامرأة وولد" باهتة في نظر القارئ قياساً بالقصة الأكثر شهرة في العالم (قصة حب) للكاتب الأميركي إريك سيغال والتي تحولت إلى فيلم سينمائي أعاد جمهور الرومنسية إلى لائحة الأوسع انتشاراً.

حيث بيع من القصة المشهورة تلك ملايين النسخ حول العالم وترجمت إلى عشرات اللغات التي خلدتها في الذاكرة الإنسانية، لكن قصة "رجل وامرأة وولد" لا تقل أهمية عنها ، خاصة وأنها تحمل بعداً عائلياً وتحوي أحداثاً مشوقة تحبس أنفاس القارئ وتثير أساه ودموعه في مواقفها المؤثرة، الأمر الذي دفع النقاد إلى وصفها بأنها أروع من (قصة حب) الشهيرة.ولد إيرك سيغال عام 1937ودرس الأدب في جامعة هارفارد تخصص في الأدبين اللاتيني والإغريقي وأصبح بروفيسوراً جامعياً مرموقاً في جامعة يال وهارفارد وبرنستون وبدأ حياته الأدبية مؤلفاً مسرحياً لكن رواية (قصة حب) التي دارت أحداثها في جامعات الستينات كان لها الأثر الأبرز في انتشار اسمه وذيوع شهرته، ومن أبرز كتبه (الصف، الأطباء، قصة أوليفر، تغير الفصول، الألعاب، الغواصة الصفراء) الخ.. تتحدث الرواية عن أسرة (روبرت بكويث) الذي يعمل أستاذاً في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا / قسم الإحصاء في مدينة كامبردج في أميركا، زوجته شايلا تعمل في دار للنشر ولديهما ابنتان جيسيكا البالغة من العمر اثنتي عشر عاماً وبولا تسع سنوات.تبدأ الرواية بالحدث المهم الذي تتعرض له الأسرة حيث تتصل القنصلية الفرنسية بكويث لحضوره لأمر طارئ وعاجل إلى فرنسا. يتوقع أ. بكويث أنه سيتقلد وسام الشرف بسبب المحاضرات الهائلة التي ألقاها في فرنسا ولكنه يفاجأ بأن الأمر يتعلق بالمرحومة (نيكول غيرين) الطبيبة التي تعرف إليها قبل عشر سنوات وبعلاقة عابرة استمرت ثلاثة أيام فقط أثناء تواجده في فرنسا إلا أنها أثمرت عن ولد عمره الآن تسع سنوات يدعى (جان كلود) وقد أوصت الطبيبة نيكول محاميها بكتمان هذا السر لحين ضرورة الإفصاح عنه، وبالفعل تموت الطبيبة نيكول إثر حادث أليم بالسيارة فيضطر المحامي للاتصال بوالد الطفل ليبلغه الحقيقة خاصة أنه ليس لديه أي مكان يلجأ إليه لا سيما وأن والدته فقدت أسرتها وقد كان شديد الحزن والشقاء لفقدانها. يبدأ صراع بكويث فهو متزوج وحياته سعيدة جداً ولم ير أو يحدث هذه الطبيبة منذ أن افترقا قبل عشر سنوات حينها كان في فرنسا وكانت المظاهرات تملأ البلد ألوف من الطلاب المسعورين في الشوارع وسيارات الشرطة جاثمة في الطرق الصغيرة المتفرعة، يستوقفه شرطيان ويطلبان أوراقه لم يكن لديه إثباتات شخصية فقد تركها في الفندق ونزل ليتأمل فنادق القرن السابع عشر الخاصة الأنيقة ولم يقتنع الشرطيان بأنه أميركي فيدفعانه إلى الجدار ويضربه أحدهما على جبينه حينها تتدخل الطبيبة نيكول غيرين التي كانت مستوقفة أيضاً مع زميلتها للتفتيش فتحاول تنظيف الجرح وتوصله إلى الفندق وتطلب منه الحضور لمراجعتها في المستشفى. يجد أ. بكويث نفسه مورطاً في هذه الحكاية لا يستطيع الهروب منها كانت معركة تجول داخله بين قلبه وعقله. لا يريد ان يعرض حياته وعائلته لهذا الموقف وكيف له أن يترك صبياً صغيراً ولد من علاقة قصيرة تعاهدا بعدها ألا يرى أحدهما الآخر. في المرة الأولى التي التقى بها أ. بكويث زوجته شايلا كان قلبه يرقص في صدره وعرف بشكل نهائي أنها ستكون حب حياته ومن اللقاء الثاني أفصح لها بأنها ستكون زوجته المقبلة وتزوجا وهي في الحادية والعشرين وكانا موضع إعجاب الجميع ومثالاً للحب والتفاهم والإخلاص. أحست شايلا بألم عميق وهي تستمع إلى اعترافات زوجها كانت تعتقد أن حياتها مميزة عن باقي السيدات اللواتي لابد وأن يسمعن خبراً من أزواجهن بمثل هذا أن له علاقة عابرة أو أنه كان يحب سواها أو ما زال يحب امرأة أخرى، ورغم الألم والعذاب الذي ألم بها إلا أنه أمر واقع ولا بد من مواجهته فلم يكن من الإنسانية إيداع هذا الطفل في الميتم فقررت شايلا ان تستقبل الطفل ليعيش معهم لمدة شهر واحد فقط بعدها يمكن التفكير بالمستقبل لإيجاد حل بديل عن الميتم وإلى أن تتم إجراءات حضور الطفل من فرنسا يخبر بكويث ابنتيه جيسيكا وبولا أنه سيدعو ابن سيدة فرنسية ماتت كانت صديقة للعائلة للإقامة معهم في المنزل الكبير. وصل جان كلود الطفل الفرنسي المطار وكان باستقباله أ. بكويث على أنه صديق والدته قديماً، كان ولداً مهذباً جداً جميلاً مثل والدته وعند انضمامه للعائلة كان كل منهم يتأمله بمشاعر مختلفة، كانت شايلا ترتجف داخلياً فقد كانت صدمة كبيرة لها مع أنها قد استعدت لهذه اللحظة أما بكويث كان لديه شعور مختلف منذ أن رآه في المطار وهو يتفحصه هل هو يشبهه حقاً ؟ هل هذا هو ابنه حقاً؟كان جان كلود مثقفاً يحب القراءة ويعشق كتب التاريخ ودوداً يحب جميع الناس ماهراً في كل شيء يمكن أن يصنعه فقد أحبه الجميع حتى شايلا كانت تمتدحه بين الفترة والأخرى معجبة بشخصيته واعتماده على نفسه في كل الأمور. لكن ديفي أكرمان ابن محام في الجوار يفسد نقاء وتجانس عائلة بكويث مع الطفل الجديد عندما سمع والده يخبر والدته بقصة الطفل الفرنسي، فيخبر جيسيكا التي انفجرت في وجه أمها وأختها وجان كلود وأسمعته كلمات قذرة عن والدته فلم تتقبل أن يصبح أباها أباً لأي شخص كان، وعلى إثر ذلك يطلب الأب من الطفل جان كلود العودة إلى فرنسا. لكن بسبب رداءة الطقس والأمطار الغزيرة لم يستطع الأب إيصال جان كلود إلى المطار فعاد إلى منزل يملكه في كامبردج ثم اصطحب جان كلود إلى حفلة موسيقية كان مستعداً أن يقدم له أي شيء وأن يطيل فترة وجوده معه أن يعوضه عن كل الأيام التي لم يره فيها وخاصة أن جان كلود أخبره أنه من اللحظة الأولى التي رأى فيها أ. بكويث تمنى لو كان والده. تصيب جان كلود حمى شديدة مع ألم في البطن فيذهب به أ. بكويث إلى المستشفى ويخبره الطبيب أن هناك ثقباً في الزائدة الدودية وأنه لابد من استئصالها وهو في حالة حرجة جداً وينجو جان كلود من هذه المحنة الصعبة ويعود إلى منزل أ. بكويث ليسترد عافيته حيث يستقبله الجميع بمودة كان ممتقعاً ومهزولاً وكان من الصعب التفكير بالعودة لهذا المنزل ولكن الترحيب من قبل جيسيكا وبولا لا سيما أنهما قدما له هدية قيمة وهي كرة قدم وقع عليها اللاعب بيليه أراحه قليلاً. أما بكويث الذي كان طوال الفترة التي هزت كيان العائلة يحاول أن يعبر عن حبه لشايلا على غير عادته سابقاً لأنه كان يعرف أنها كانت تظنه صادقاً ولقد كان كذلك من صميم قلبه، أما الآن بعد كل الذي حدث فربما لم تصدق أية كلمة ينطق بها. لكن ألم شايلا والأذى الكبير الذي ألحقه بها يحتاج إلى سنين طويلة لنسيانه. عند انتهاء الصيف تعرض أسرة بكويث على جان كلود البقاء والعيش معها ليكون فرداً من الأسرة التي أحبته ومع أن هذا الخبر قد فاجأ جان كلود إلا أنه أصر على الذهاب إلى فرنسا والالتحاق بمدرسة (الروش) حيث كانت والدته ترغب أن يكون وبالرغم من محاولات بكويث وتعبيره عن قلقه في البقاء وحيداً في فرنسا إلا أن جان كلود يزعم الرحيل ويودع الأسرة متجهاً إلى المطار مع والده لم يبك أحد حتى ولو استشعر كل واحد أن الآخرين لن يستطيعوا إمساك دموعهم. وود بكويث لو أن الطريق إلى المطار لا ينتهي كان لديه أشياء كثيرة يقولها للولد تعبيراً عن مشاعره وتوكيداً لعلاقتهما وشرحاً لحبه ومع ذلك بقيا طوال الطريق صامتين وعند مراقبة التذاكر مد جان كلود يده وكأنما يتهيأ للحياة التي كانت تنتظره في الجانب الآخر من المحيط مودعاً أباه فاندفع بكويث يأخذ الصبي الصغير بين ذراعيه ويضمه بقوة وتمنى أن تدوم هذه اللحظات إلى ما لا نهاية وطلب منه أن يعود في الصيف المقبل فلم يجب الطفل بالموافقة أو بالنفي واكتفى بكلمة "ربما" ففكر بكويث أنه على الأرجح ربما لن يراه مرة أخرى.

شكراًََعلى الموضوع
ويعطيك ألف عافيه

مشكووووووووووووور على المرووووووووور ويعطيك الف عافيه

دومت بروعة ياروعة

شكرا على الموضوع

الرائع تقبل مروري

مشكووووووووووووووووووووووووووورين

على المرووووووووووووووووووووووووووور ويعطيكم الف الف الف الف الف الف الف الف الف الف الف الف الف الف الف الف الف الف الف الف الف الف الف الف الف عاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااافيه